أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

البرنقيل: الكائن الصغير الذي يغزو أعماق البحار

البرنقيل تحت المجهر: كيف يعيش ولماذا يلتصق بكل شيء؟

هل تساءلت يوما عن تلك التكوينات الصدفية الصلبة التي تتشبث بعناد بصخور الشواطئ، أجسام السفن، وحتى ظهور الحيتان؟ إنها عالم البرنقيل المدهش، تلك الكائنات التي تبدو بسيطة للوهلة الأولى لكنها تخفي تعقيدات بيولوجية وسلوكيات مذهلة. حقيقة غريبة: هل تعلم أن البرنقيل يمتلك أطول عضو ذكري نسبة إلى حجم جسمه في مملكة الحيوان بأكملها؟ في هذه المقالة، سنغوص في أعماق حياة البرنقيل، مستكشفين أسراره بدءا من شكله الفريد وصولا إلى دوره في النظام البيئي البحري، دون أن نكشف كل الأوراق دفعة واحدة.

البرنقيل: الكائن الصغير الذي يغزو أعماق البحار
البرنقيل: الكائن الصغير الذي يغزو أعماق البحار


التصنيف العلمي للبرنقيل:

  • المملكة: الحيوانية (Animalia)
  • الشعبة: المفصليات (Arthropoda)
  • الطائفة: القشريات (Crustacea)
  • الرتبة: البرنقيليات (Sessilia أو Cirripedia، حسب التصنيف)
  • الفصيلة: تختلف حسب النوع، ولكن واحدة من أشهر الفصائل هي (Balanidae)


مقدمة تعريفية: ما هو البرنقيل؟

البرنقيل (Barnacle)، وعلى الرغم من مظهره الشبيه بالرخويات بسبب قشرته الكلسية، هو في الواقع من القشريات البحرية وينتمي إلى تحت طائفة البُريْقِلاَوات (Cirripedia). يقضي البرنقيل حياته كبالغ ملتصقا بالأسطح الصلبة، سواء كانت طبيعية كالصخور أو اصطناعية كأرصفة الموانئ وهياكل السفن، ويعتمد على التيارات المائية لجلب غذائه. يوجد آلاف الأنواع منه منتشرة في محيطات العالم.

تتميز دورة حياة البرنقيل بالتحول المذهل؛ حيث تبدأ بيرقة حرة السباحة ثم تتحول إلى يرقة أخرى تبحث عن مكان مناسب لتستقر فيه بشكل دائم. بمجرد أن تجد اليرقة مكانها، تفرز مادة لاصقة قوية جدا لتثبيت نفسها رأسا على عقب، ثم تبدأ في بناء قشرتها الواقية المكونة من لوحات كلسية، لتبدأ حياتها ككائن بالغ غير متحرك.

على الرغم من نمط حياته الثابت، يعتبر البرنقيل كائنا نشطا داخل قوقعته، حيث يستخدم أرجله الريشية المتحورة (تسمى الأهداب) لالتقاط العوالق الصغيرة وجزيئات الطعام من الماء المحيط. يعتبر البرنقيل جزءا لا يتجزأ من البيئات البحرية، مؤثرا ومتأثرا بالظروف المحيطة به، ويلعب أدوارا متنوعة تتراوح بين كونه مصدر غذاء ومسببا لمشكلة الالتصاق الحيوي.


الوصف الخارجي للبرنقيل:

يُعرف البرنقيل بقشرته الخارجية الصلبة والمخروطية الشكل غالبا، والتي تشبه بركانا صغيرا مكونا من لوحات كلسية متراكبة تحمي جسمه الرخو بالداخل. سنستكشف الآن تفاصيل هذا الهيكل الفريد والأعضاء التي تمكنه من البقاء.

  • الجسم والقشرة: الجسم الفعلي للبرنقيل رخو ويقع بالكامل داخل القشرة الصلبة الواقية. هذه القشرة تتكون من عدة لوحات كلسية (عادة 6 لوحات جدارية ولوحات علوية قابلة للحركة) تلتصق بقوة بالسطح الذي يعيش عليه بواسطة غدة أسمنتية قوية جدًا تقع في قاعدة الجسم. يمكن للبرنقيل فتح وإغلاق اللوحات العلوية للسماح لأرجله بالخروج للتغذية أو للانغلاق للحماية.
  • الأهداب: لا يمتلك البرنقيل أرجلا للمشي، بل يمتلك أطرافا متحورة تشبه الريش تسمى الأهداب. هذه الأهداب هي في الأساس أرجل صدرية معدلة، يستخدمها البرنقيل كشبكة دقيقة لاصطياد العوالق والجزيئات الغذائية من الماء عند فتح قوقعته. عدد وشكل الأهداب يختلف بين الأنواع.
  • الفتحة: هي الفتحة العلوية في القشرة التي تخرج منها الأهداب للتغذية والتنفس. تُغلق هذه الفتحة بواسطة لوحات متحركة لحماية الحيوان عند انحسار المد أو وجود خطر.
  • الغدة الأسمنتية: تقع في قاعدة الحيوان (عند منطقة الرأس في مرحلة اليرقة)، وهي المسؤولة عن إفراز المادة اللاصقة فائقة القوة التي تثبت البرنقيل بشكل دائم على السطح.

اللون:

يختلف لون قشرة البرنقيل بشكل كبير حسب النوع والبيئة. غالبا ما تتراوح الألوان بين الأبيض، الرمادي، البني، وأحيانا الوردي أو الأرجواني. قد يتأثر اللون أيضا بالكائنات الدقيقة التي تنمو على القشرة نفسها، مما يساعدها أحيانا على الاندماج مع محيطها الصخري.

الحجم:

تتباين أحجام البرنقيل بشكل كبير جدا. بعض الأنواع لا يتجاوز قطرها بضعة ملليمترات، بينما توجد أنواع عملاقة مثل (Megabalanus) يمكن أن يصل قطر قاعدتها إلى 7 سنتيمترات وارتفاعها إلى 10 سنتيمترات أو أكثر. يعتمد الحجم النهائي على النوع، توافر الغذاء، وظروف البيئة المحيطة.

الوزن:

نظرا لكونه صغيرا وملتصقا، لا يُقاس وزن البرنقيل الفردي عادة. ومع ذلك، يمكن لتجمعات البرنقيل الكثيفة على هياكل السفن أو المنشآت البحرية أن تضيف وزنا كبيرا ومقاومة للحركة، مما يؤثر على كفاءة السفن واستهلاكها للوقود. يُقدر الوزن المضاف بالكيلوجرامات لكل متر مربع في حالات التراكم الشديد.


موطن وموئل البرنقيل:

ينتشر البرنقيل في جميع محيطات وبحار العالم، من المناطق القطبية الباردة إلى المياه الاستوائية الدافئة، مما يدل على قدرته الهائلة على التكيف. سنتعرف الآن على أماكن انتشاره الرئيسية وبيئاته المفضلة التي يتخذها موئلا له.

  1. جميع المحيطات: من المحيط الأطلسي والهادئ والهندي إلى المحيطين المتجمدين الشمالي والجنوبي.
  2. البحار المتصلة: يتواجد بكثرة في البحار مثل البحر الأبيض المتوسط، البحر الأحمر، بحر الشمال، والبحر الكاريبي وغيرها.
  3. المناطق الساحلية: يتركز وجوده بشكل خاص في المناطق الساحلية ومنطقة المد والجزر، حيث تتوفر الأسطح الصلبة بكثرة.

يفضل البرنقيل العيش ملتصقا بالأسطح الصلبة، حيث توفر له ثباتا وحماية. تشمل الموائل الأكثر شيوعا:

  1. الصخور والشعاب المرجانية: يعتبر الموئل الطبيعي الأكثر شيوعا، خاصة في منطقة المد والجزر حيث يتعرض للهواء والماء بالتناوب.
  2. هياكل السفن والأرصفة والعوامات: يشكل الالتصاق الحيوي على الأسطح الاصطناعية مشكلة اقتصادية وبيئية، حيث يلتصق البرنقيل بكثافة على هذه الهياكل.
  3. أصداف الحيوانات البحرية الأخرى: يمكن العثور عليه ملتصقا بأصداف السلاحف البحرية، سرطان البحر، والرخويات الكبيرة.
  4. جلد الحيتان: بعض أنواع البرنقيل متخصصة في العيش على جلد الحيتان الكبيرة، في علاقة تعايشية أو تطفلية طفيفة.


النظام الغذائي للبرنقيل:

البرنقيل هو حيوان قارت يتغذى بالترشيح، حيث يلتقط جزيئات الطعام الصغيرة العالقة في الماء باستخدام أهدابه الريشية. تشمل قائمته الغذائية بشكل أساسي:

  • العوالق النباتية: مثل الدياتومات والطحالب الدقيقة التي تشكل قاعدة السلسلة الغذائية البحرية.
  • العوالق الحيوانية: بما في ذلك اليرقات الصغيرة لمختلف الحيوانات البحرية، ومجدافيات الأرجل.
  • المواد العضوية العالقة: بقايا الكائنات الميتة والمواد العضوية المتحللة التي تحملها التيارات المائية.

ملحوظة: يعتبر البرنقيل مفترسا كامنا، ينتظر بصبر مرور فريسته مع تيار الماء ليقتنصها بأهدابه الشبيهة بالشبكة، مما يجعله جزءا مهما من دورة المغذيات في البيئات البحرية التي يسكنها.

كم يستطيع البرنقيل العيش بدون طعام؟

يستطيع البرنقيل البقاء على قيد الحياة لفترات متفاوتة بدون طعام، تعتمد على درجة الحرارة ومخزون الطاقة لديه. في الظروف المثالية، يمكنه البقاء لعدة أسابيع عن طريق إغلاق قوقعته وتقليل نشاطه الأيضي إلى الحد الأدنى، خاصة خلال فترات الجزر أو الظروف البيئية غير المواتية.


السلوك والحياة الاجتماعية للبرنقيل:

يميل البرنقيل بشدة إلى الحياة الاجتماعية، حيث تستقر يرقاته غالبا بالقرب من البالغين من نفس النوع. يشكل هذا التجمع مستعمرات كثيفة على الأسطح المتاحة، مما يزيد من فرص التكاثر الناجح نظرا لقصر مدى وصول العضو الذكري. ومع ذلك، فكل فرد يعيش كوحدة مستقلة داخل قوقعته الخاصة.

تعتمد طريقة البحث عن الطعام كليا على الترشيح السلبي والنشط. عندما يكون البرنقيل مغمورا بالماء، يفتح لوحات قوقعته العلوية ويمد أهدابه بشكل متكرر في تيار الماء، مكونا شبكة لالتقاط العوالق والمواد الغذائية. يقوم بسحب الأهداب بشكل دوري لتمرير الطعام الملتصق بها إلى فمه الموجود داخل القوقعة.

البرنقيل البالغ لا يهاجر لأنه مثبت بشكل دائم. الهجرة تحدث فقط في مرحلة اليرقات الحرة السباحة، حيث تنجرف مع التيارات البحرية بحثا عن مكان مناسب للاستقرار. أما العادات اليومية للبالغين فتقتصر على دورات فتح وإغلاق القوقعة للتغذية والتنفس، والتي تتأثر بحركة المد والجزر وتوفر الغذاء.

طرق التواصل: التواصل لدى البرنقيل محدود وموجه بشكل أساسي نحو التكاثر:

  • الإشارات الكيميائية: تلعب دورا هاما في جذب اليرقات للاستقرار بالقرب من البالغين، مما يشير إلى بيئة مناسبة. كما يُعتقد أنها تلعب دورا في تحفيز التكاثر بين الأفراد المتقاربين في المستعمرة.
  • الاتصال الجسدي المباشر: أثناء التكاثر، يقوم البرنقيل الخنثى بمد عضوه الذكري الطويل للوصول إلى الأفراد المجاورة وتلقيحها، وهو شكل مباشر من التفاعل الجسدي.


التكاثر ودورة حياة البرنقيل:

معظم أنواع البرنقيل خنثى، أي أن كل فرد يمتلك أعضاء تناسلية ذكرية وأنثوية. ومع ذلك، يحدث الإخصاب عادة بين الأفراد المتجاورة. يقوم فرد بدور الذكر ويمد عضوه الذكري الطويل جدا (الأطول نسبة لحجم الجسم في مملكة الحيوان) ليصل إلى فتحة قوقعة فرد مجاور ويلقح بيضه داخليا. يحدث التكاثر غالبا في مواسم معينة تختلف باختلاف النوع والموقع الجغرافي، وعادة ما ترتبط بدرجات حرارة المياه المناسبة ووفرة الغذاء.

بعد الإخصاب، تتطور البيوض داخل تجويف الجسم للبرنقيل الأم. تفقس البيوض لتخرج يرقات صغيرة حرة السباحة تسمى يرقة نوبليوس. تسبح هذه اليرقة في عمود الماء وتتغذى وتنمو، وتمر بعدة انسلاخات. فترة الحضانة الداخلية للبيض تختلف، ويمكن أن ينتج الفرد آلاف اليرقات في المرة الواحدة.

لا توجد رعاية أبوية للصغار بعد إطلاق اليرقات في الماء. تمر يرقة النوبليوس بعدة مراحل نمو لتتحول إلى يرقة سيبريد، وهي المرحلة التي لا تتغذى ووظيفتها الأساسية هي البحث عن مكان مناسب للاستقرار. عند العثور على سطح مناسب، تلتصق اليرقة بواسطة قرون استشعارها المعدلة وتفرز مادة لاصقة، ثم تخضع لتحول جذري لتصبح برنقيلا بالغا صغيرا وتبدأ في بناء قشرتها الكلسية.

يختلف عمر البرنقيل بشكل كبير حسب النوع والظروف البيئية. بعض الأنواع الصغيرة قد تعيش لسنة واحدة فقط، بينما يمكن لأنواع أخرى أن تعيش ما بين 5 إلى 10 سنوات. الأنواع التي تعيش في المياه العميقة أو الباردة قد يكون لها عمر أطول. العيش في الأسر ليس مفهوما شائعا للبرنقيل، لكن عمرها في الطبيعة يتأثر بعوامل مثل الافتراس، التنافس، والأمراض.


أنواع البرنقيل:

يوجد أكثر من 1400 نوع معروف من البرنقيل حول العالم، تتكيف مع بيئات متنوعة وتظهر اختلافات في الحجم والشكل ونمط الحياة. نستعرض هنا بعض الأنواع الشائعة أو المثيرة للاهتمام.

  1. برنقيل البلوط (Acorn Barnacles): الأكثر شيوعا على الصخور في منطقة المد والجزر، له قشرة مخروطية قوية تشبه ثمرة البلوط.
  2. برنقيل عنق الإوزة (Goose Barnacles): يتميز بوجود ساق لحمية مرنة تربط القشرة بالسطح، مما يعطيه مظهرا يشبه عنق الإوزة. يوجد ملتصقا بالصخور أو الأجسام الطافية.
  3. البرنقيل العملاق (Giant Barnacles): أنواع كبيرة الحجم توجد في مناطق المياه الضحلة، وتشتهر بأحجامها الكبيرة نسبيا.
  4. برنقيل الحوت (Whale Barnacles): أنواع متخصصة تعيش فقط ملتصقة بجلد الحيتان الكبيرة، وتكون قشرتها مدمجة جزئيا في جلد الحوت.
  5. البرنقيل الطفيلي (Parasitic Barnacles): مجموعة شديدة التحور تتطفل داخليا على القشريات الأخرى مثل السرطانات، وتفقد معظم سمات البرنقيل البالغ.
  6. برنقيل الشعاب المرجانية (Coral Barnacles): أنواع تعيش مدمجة داخل هياكل الشعاب المرجانية الحية.

ملحوظة: هذا التنوع الكبير يعكس نجاح البرنقيل في استغلال مجموعة واسعة من الموائل البحرية، من الشواطئ الصخرية إلى أعماق المحيطات، وحتى كائنات بحرية أخرى، مما يظهر قدرة تكيفية استثنائية لهذه القشريات الفريدة.


المخاطر والتهديدات التي تواجه البرنقيل:

على الرغم من صلابة قشرته وقدرته على التكيف، يواجه البرنقيل مجموعة من المخاطر والتهديدات الطبيعية والبشرية التي يمكن أن تؤثر على أعداده وتوزيعه. سنتعرف على أبرز هذه التحديات التي تهدد بقاء هذه الكائنات الصامتة.

  • الافتراس: يُعتبر البرنقيل مصدر غذاء للعديد من الحيوانات البحرية، بما في ذلك بعض أنواع نجم البحر، الحلزونات البحرية (مثل محار ثايس)، الأسماك، والطيور البحرية التي تقتات عليه خلال فترة الجزر.
  • التنافس على المكان: نظرا لحاجته إلى سطح صلب للالتصاق، يتنافس البرنقيل بشدة مع كائنات أخرى مثل الطحالب، الإسفنجيات، والأنواع الأخرى من البرنقيل على المساحات المحدودة المتاحة، خاصة في المناطق المزدحمة.
  • الظروف البيئية القاسية: في منطقة المد والجزر، يتعرض البرنقيل للجفاف، التغيرات الحادة في درجات الحرارة، والأمواج القوية، مما يشكل تحديا لبقائه.
  • التلوث البحري: الملوثات الكيميائية، التسربات النفطية، والمخلفات البلاستيكية يمكن أن تؤثر سلبا على صحة البرنقيل، قدرته على التكاثر، وبقاء يرقاته الحساسة.
  • تغير المناخ وتحمض المحيطات: ارتفاع درجة حرارة المياه يمكن أن يؤثر على توقيت التكاثر وتوزيع الأنواع. كما أن تحمض المحيطات (انخفاض درجة الحموضة pH) يجعل من الصعب على البرنقيل بناء وصيانة قشرته الكلسية.
  • فقدان وتدهور الموائل: التنمية الساحلية، تدمير الشعاب الصخرية، وتغيير الموائل الطبيعية يمكن أن يقلل من المساحات المتاحة لاستقرار البرنقيل.

ملحوظة: تتضافر هذه العوامل لتشكل ضغوطا كبيرة على مجموعات البرنقيل في بعض المناطق، مما قد يؤدي إلى انخفاض أعدادها وتغيير في تركيب المجتمعات البحرية التي تعد جزءًا منها، مما يستدعي مراقبة وفهم تأثير هذه التهديدات.

هل البرنقيل مهدد بالانقراض؟

بشكل عام، معظم أنواع البرنقيل الشائعة ليست مهددة بالانقراض وتصنف ضمن فئة غير مهدد أو الأقل قلقا أو لم يتم تقييمها بعد من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN). ومع ذلك، قد تكون بعض الأنواع ذات التوزيع المحدود أو التي تعتمد على موائل مهددة (مثل أنواع برنقيل الشعاب المرجانية) أكثر عرضة للخطر.


طرق الحماية والمحافظة على البرنقيل:

نظرا للدور البيئي للبرنقيل وتأثره بالأنشطة البشرية والتغيرات البيئية، فإن اتخاذ تدابير لحماية موائله والمحافظة على صحة النظم البيئية البحرية يعود بالنفع على هذه الكائنات أيضا. نستعرض هنا بعض الجهود والإجراءات المهمة:

  1. حماية الموائل الساحلية والبحرية: إنشاء وإدارة المحميات البحرية، حماية الشواطئ الصخرية والشعاب المرجانية من التدمير والتلوث، يضمن توفر الأسطح اللازمة لاستقرار البرنقيل والكائنات الأخرى.
  2. مكافحة التلوث البحري: تقليل تسرب الملوثات الصناعية والزراعية، النفط، والمخلفات البلاستيكية إلى المحيطات يحسن جودة المياه اللازمة لصحة البرنقيل ويرقاته.
  3. التصدي لتغير المناخ وتحمض المحيطات: الجهود العالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة تساهم في استقرار درجات حرارة المحيطات والحد من تحمضها، مما يحمي الكائنات ذات الهياكل الكلسية مثل البرنقيل.
  4. إدارة مصائد الأسماك المستدامة: الحفاظ على توازن النظم البيئية البحرية من خلال ممارسات الصيد المستدامة يساعد في حماية الكائنات التي تعتمد على البرنقيل كغذاء أو التي يتنافس معها.
  5. البحث العلمي والمراقبة: دراسة تأثير التغيرات البيئية والملوثات على دورة حياة البرنقيل وتوزيعه تساعد في فهم التهديدات وتطوير استراتيجيات حماية فعالة.

ملحوظة: على الرغم من أن البرنقيل ليس عادة محور جهود الحفظ المباشرة، إلا أن صحة أعداده وتنوعه تُعتبر مؤشرا جيدا على صحة النظام البيئي البحري العام، وبالتالي فإن حماية المحيطات تعني حماية البرنقيل ضمنيا.


الأهمية البيئية والاقتصادية للبرنقيل:

قد يبدو البرنقيل كائنا بسيطا، لكنه يلعب أدوارا مهمة في النظام البيئي البحري وله تأثيرات اقتصادية لا يمكن إغفالها، بعضها إيجابي والآخر سلبي. نستعرض هنا أبرز جوانب أهميته.

  • مصدر غذاء: يشكل البرنقيل ويرقاته جزءا مهما من النظام الغذائي للعديد من الحيوانات البحرية، بما في ذلك الأسماك، الطيور البحرية، نجم البحر، والحلزونات.
  • مؤشر بيئي: يمكن لدراسة توزيع ووفرة وصحة البرنقيل أن تعطي مؤشرات حول جودة المياه والتغيرات البيئية في منطقة معينة.
  • هندسة النظام البيئي: في بعض الحالات، يمكن لتجمعات البرنقيل الكثيفة أن توفر مأوى للكائنات الصغيرة الأخرى وتزيد من تعقيد السطح.
  • التصاق حيوي: يشكل تراكم البرنقيل على هياكل السفن، خطوط أنابيب المياه، والمعدات البحرية مشكلة اقتصادية كبيرة، حيث يزيد من مقاومة الماء، استهلاك الوقود، وتكاليف الصيانة والتنظيف.
  • مصدر غذائي بشري: في بعض المناطق الساحلية (مثل إسبانيا والبرتغال)، يعتبر برنقيل عنق الإوزة طعاما شهيا وباهظ الثمن.
  • أبحاث المواد اللاصقة: المادة اللاصقة التي ينتجها البرنقيل لتثبيت نفسه هي واحدة من أقوى المواد اللاصقة الطبيعية المعروفة، وهي موضوع لأبحاث مكثفة لتطوير مواد لاصقة صناعية قوية ومقاومة للماء، خاصة للتطبيقات الطبية.

ملحوظة: تتجلى أهمية البرنقيل في كونه حلقة وصل في الشبكة الغذائية البحرية ومؤشرا بيئيا، بينما يمثل في الوقت ذاته تحديا اقتصاديا بسبب التصاقه بالمنشآت البحرية، ولكنه يحمل أيضا وعودا في مجال البحث العلمي، خاصة في علم المواد.


معلومات عامة عن البرنقيل:

  • أقرب أقربائه من القشريات قد تكون مجدافيات الأرجل.
  • وصف تشارلز داروين البرنقيل بأنه حيوان يقف على رأسه ويركل الطعام في فمه بقدميه.
  • قضى داروين 8 سنوات في دراسة البرنقيل، مما ساهم بشكل كبير في فهمنا لهذه الكائنات.
  • المادة اللاصقة للبرنقيل تتصلب بسرعة تحت الماء وهي مقاومة للمواد الكيميائية.
  • لا يمتلك البرنقيل قلبا أو خياشيم حقيقية.
  • معظم أنواع البرنقيل خنثى (تمتلك أعضاء ذكرية وأنثوية).
  • يمكن للبرنقيل إغلاق قوقعته بإحكام للبقاء على قيد الحياة خارج الماء لساعات أو أيام.
  • يمكن لبعض أنواع البرنقيل تحمل درجات حرارة متجمدة.تم العثور على حفريات للبرنقيل تعود إلى مئات الملايين من السنين.
  • لا يمتلك البرنقيل دماغا مركزيا، بل جهازا عصبيا بسيطا.
  • بعض البرنقيل يعيش علاقات تكافلية مع الإسفنج أو الشعاب المرجانية.


خاتمة: لقد رحلنا عبر عالم البرنقيل المدهش، من تركيبه الفريد وقدرته الخارقة على الالتصاق، إلى دورة حياته المعقدة وسلوكه التكيفي. اكتشفنا تنوعه الكبير، أهميته البيئية كجزء من الشبكة الغذائية ومؤشر للصحة البحرية، وتأثيراته الاقتصادية المتناقضة. على الرغم من بساطته الظاهرية، يمثل البرنقيل قصة نجاح تطورية وصمودا في وجه تحديات المحيط المتغيرة. نأمل أن يكون هذا المقال قد ألقى الضوء على هذا الكائن البحري الاستثنائي وشجع على تقدير أكبر لتعقيدات الحياة البحرية. هل لديك أي ملاحظات أو أسئلة حول البرنقيل؟ شاركنا رأيك في التعليقات.


المصادر:

المصدر الأول: هنا

المصدر الثاني: هنا


تعليقات